| 0 التعليقات ]

 بحث من إعداد الطالب
 مفتخر بالإسلام
وفقكم الله
هدية إلى طلبة الدراسات الإسلامية
 خاصة
أعضاء مجموعة واتساب
 ومجموعة التضامن
مــــــــــــــدخــــــــــــــــل لـــــــــــــــــــــــدلالــــــــــــة الألفـــــــــــــــــــاظ
هذا الباب من أهم أبواب أصول الفقه، بل هو عمدة أبواب الأصول كما قال الغزالي، وتعود أهميته إلى كونه يُعنى بما يتعلق بالألفاظ التي جاءت بها الشريعة من نصوص الوحيين (الكتاب، والسنة)، فيكشف هذا الباب معانيها وتصرفاتها وأساليبها وطريقة الاستفادة منها وفهمها، وهذا هو وجه أهميته، لأن من المعلوم أن الألفاظ هي قوالب المعاني وأوعيتها، ولا يُتوصَّل إلى المعاني إلا بمعرفتها.
الواضح الدلالة من النصوص: هو ما دلّ على المراد منه بنفس صيغته من غير توقف على أمر خارجي.
فإن كان يحتمل التأويل والمراد منه ليس هو المقصود أصالة من سياقه، سمّى الظاهر.
وإن كان يحتمل التأويل والمراد منه هو المقصود أصالة من سياقه، سمّي النص.
وإن كان لا يحتمل التأويل ويقبل حكمه النسخ، سمّي المفسر.
وإن كان لا يحتمل التأويل ولا يقبل حكمه، سمّي المحكم.
خفي الدلالة: هو المبهَم الذي خفِيَت دلالته لذاته أو لعارضٍ، مما يُحوِجه للاجتهاد، أو لبيانِ الشَّارع،
 وتنقسم الألفاظُ غيرُ الواضحةِ إلى أربعةِ أقسام متفاوتة في الخفاء، وكلٌّ منها يقابل قسمًا من أقسام الواضح؛
v    الخفيُّ يقابل الظاهر،

v    المشكِل يقابِل النصَّ،

v    المجمَل يقابِل المفسَّر،

v    المتشابِه يقابل المحكَم،
 الاجــــــــتـــــــهــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد
أ- لــــــــــغــــــــــــــــة:
 بذل الجهد في تحقيق أمر معين، سواء كان ماديًا أو معنويًا.
ب- اصـــــــطــــــــــــــلاحــــــــا:
 استفراغ الجهد في إدراك الأحكام الشرعية واستنباطها من أدلتها.
 ج- مشـــــــروعــــــــيـــــتــــه: 
وقد ثبتت مشروعيته نقلا وعقلا، ومن أدلة ذلك
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [ سورة الشورى، الآية 38]،
إذ أن الشورى تقتضي بذل الوسع بحثا عن الصواب في أمر من الأمور.
·        قال النبي : (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله
أجر) [رواه الشيخان وأحمد].
 ولما بعث النبي  معاذ بن جبل إلى اليمن قاضيا، قال له: (كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟) قال: أقضي بكتاب الله تعالى، قال: فإن لم تجد ؟ قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، قال معاذ: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدري وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله) [أخرجه أحمد وأبو داوود والترمذي].
 د- شروط المجتهد:
ü     العلم بالقرآن الكريم: خاصة آيات الأحكام الواردة في كتاب الله دون اشتراط حفظه كاملا...
ü     معرفة أسباب النزول: لأنه يساعد على فهم النصوص.
ü     الإحاطة بالسنة النبوية: خاصة الأحاديث المتعلقة بالأحكام الشرعية.
ü     معرفة أسباب ورود الحديث لإدراك مقصوده.
ü     العلم بالناسخ و المنسوخ في القرآن والسنة: لمعرفة النصوص التي يستدل بها إثباتا للأحكام الشرعية.
ü     العلم باللغة العربية: و الإحاطة بقواعدها و دلالاتها على معانيها ليتمكن المجتهد من فهم آيات وأحاديث الأحكام.
ü     العلم بأصول الفقه: إذ أن المجتهد يحتاج إلى أدوات وقواعد أصولية تمكنه من استنباط الأحكام من الأدلة الجزئية.
ü     معرفة مواطن الإجماع: إن معرفتها تحول دون إفتاء المجتهد خلاف الإجماع المتيقن.
ü     معرفة أحوال الناس وأعرافهم: مما يساعد على صحة الاجتهاد، وإدراك الوقائع التي ينزل عليها النصوص المناسبة.
ü     العلم بمقاصد الشريعة الإسلامية: التي أنزل القرآن لأجلها، وجاءت السنة النبوية لرعايتها.
ü     العدالة والتقوى (تحري الحق): لقبول فتواه لا لصحة الاجتهاد.
مراتـــــــــــب المــــــــــجــــــــتـــــهديــــــــــــــــــــــــن
v    المجتهد المطلق (المستقل):
وهو المجتهد الذي يملك أهلية استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية في الكتاب والسنة دون التقيد بأي مذهب، ومن أشهرهم:
*   فقهاء الصحابة:
ü     بالمدينة المنورة: الخلفاء الراشدون، زيد بن ثابت، أبي بن كعب، عبد الله بن عمر، عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم.
ü     بمكة: عبد الله بن عباس.
ü     بالكوفة: عبد الله بن مسعود.
ü     بالبصرة: أنس بن مالك، أبو موسى الأشعري.
ü     بالشام: معاذ بن جبل.
ü     بمصر: عبد الله بن عمرو بن العاص.
*    فقهاء التابعين:
ü     بالمدينة المنورة: عروة بن الزبير، سعيد بن المسيب.
ü     بالكوفة: سعيد بن جبير.
*    الأئمة الأربعة والأوزاعي والليث بن سعد...
v     المجتهد المنتسب (المقيد):
وهو المجتهد الذي تربى في مدرسة فقهية معينة فيتقيد بفقهها ولا يخرج عن مذهب إمامه،  ولهذه المرتبة أقسام هي:
Ø     المجتهد المتتبع لإمامه في منهجه الاستنباطي مثل أبو يوسف ومحمد ابن الحسن وزفر في المذهب الحنفي، وأشهب وابن القاسم في المذهب المالكي، والقاضي أبو يعلى وابن تيمية في المذهب الحنبلي...
Ø     المجتهد المقيد بمذهب إمامه (بأصول المذهب)، ويلحق الفروع بالأصول المقررة فيه، ولكن يجتهد في إطار قواعده (اجتهاد مذهبي)، ومن أشهرهم: الإمام الطحاوي و الكرخي والسرخسي في المذهب الحنفي.
Ø     مجتهد مُرجِح: يرجح بين الآراء المروية في المذهب اعتمادا على قوة الدليل أو الملاءمة للعصر (هذا أولى، هذا أوفق للقياس، هذا أرفق بالناس)، مثل أبو بكر الرازي المعروف بالجصاص في المذهب الحنفي، فهو مجتهد حافظ لمذهب إمامه عارف بأدلته.
v     مجتهد في نوع معين من العلم (باب من الأبواب):
وهو المتخصص في علم من العلوم – وهذا جائز شرعا – خاصة وأن هذا العصر عصر التخصص، كالمجتهد في مسائل القياس، أو المجتهد في علم الفرائض.
 الـــــــــــــفــــتـــــــــــــوى
الفتوى هي : الإخبار بالحكم الشرعي لمن سأل.

المشروعية :
ü     قال تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلَالَةِ﴾ النساء:176.
ü     وقال تعالى: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ النساء:127 .
ü      وقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ﴾ البقرة:189.
ü     وقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ البقرة:217.
ü     فجعلها الله وظيفة لسيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم لقوله عز وجل : ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ النحل:44.
ü     قال تعالى مخاطبا المستفتين: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾النحل:43.
ü     قال تعالى مخاطبا المفتين: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ النحل:116.
أركان الفتوى 
للفتوى أربعة أركان: مفتٍ، ومستفتٍ، ومستفتىً عنه ، ومفتىً به.
*    المفتي: هو الذي يصدر الحكم الشرعي، ويشترط فيه شرطان أساسان: الأول: 
العلم ودليله :
¨     قوله تعالى –ناهيا نهي تحريم عن القول في دين الله بغير علم-:﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا﴾ (الإسراء:36)
¨     وقوله تعالى : ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ﴾ (النحل:116)
¨     وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (الأعراف:33)
¨     وفي الحديث المتواتر: ﴿عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ﴾ مسلم، البخاري، الترمذي، أبي داوود، ابن ماجة، أحمد
ويدخل تحت هذا الشرط:
كونه عارفا بأدلة الأحكام من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح.
كونه ملما بعلوم القرآن والحديث والنحو واللغة والتصريف ومواضع اختلاف العلماء واتفاقهم ما يمكنه من الاستنباط والاستدلال الصحيح.
كونه سليم الذهن.
كونه عارفا بمقاصد الشريعة،قادرا على المقارنة بين المصالح والمفاسد،خبيرا بفقه المآلات مراعيا ذلك كله في فتاواه.
كونه خبيرا بواقع الناس وأحوالهم، قال ابن القيم:" ينبغي للمفتي أن يكون بصيرا بمكر الناس وخداعهم وأحوالهم فإن لم يكن كذلك زاغ وأزاغ"

الشرط الثاني: كونه عاملا بمقتضى علمه، ودليل شرطية العمل بمقتضى العلم
¨     قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ (البقرة:44)
¨     قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ (الصَّف:2-3)
¨     وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون :أي فلان ما شأنك ؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه"
 *    المستفتي:
ويلزمه أن يستفتي عن حكم الله مبتعدا عن حكم غير الله .
¨     قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ (النساء:60)
¨     قال تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (النساء:65)
لا يجوز له الحياء من السؤال عما أشكل عليه من أمر دينه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" وقالت أم سلمة رضي الله عنها:"إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة شيء إذا احتلمت."

ألا يسأل على سبيل التعنت والتعقر وإظهار العلم والذكاء.
*    المستفتى عنه:
 وهو المسألة المسئول عنها، ويجب أن تكون واقعة تحتاج إلى بيان حكمها أما افتراض غير الواقع من المسائل البعيدة والخوض فيها بالرأي والاجتهاد فمنهي عنه،
ü     والأصل في النهي عن الخوض في ما لم يرد به وحي.
¨     قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ (المائدة:101)
ü     ولما فيه من الاشتغال بما لا يعنيك عما يعنيك
¨     قال صلى الله عليه وآله وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه" [5]
¨     وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين فحرم عليهم من أجل مسألته." [6]
*    المفتى به:
هو الحكم المستمد من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس الذي كملت شروطه.

ضوابط الفتوى:
1.       الاستمداد من الأدلة الشرعية:ويعني الأخذ بما أجمع عليه أئمة الهدى، وإذا تعددت الأقوال في المسألة أخذ بأرجحها وهو الأقوى دليلا.
2.       تحقيق مناط الفتوى: ومعناه تنزيل الفتوى على واقعها وذلك يتطلب فقه المفتي بالواقع حتى لا يسهل في غير محله ، ولا يشدد في محل التسهيل، ولا يخرج الفتوى عن ظروفها وملابساتها الزمانية والمكانية.
3.       التحري للإيضاح والتبيين: فيتحرى وضوح عبارات الفتوى وسلامتها من التعقيد اللفظي حتى لا تكون ألفاظه حمالة أوجه قابلة للتأويل والتلاعب.
4.       الاستفسار من المستفتي: فيسأله عن حقيقة مسألته، حتى يفهم المراد قبل إصدار الحكم، فإن كثيرا من المستفتين لا يجيدون طرح السؤال.
5.       إفادة المستفتي بما لم يسأل عنه: وذلك إذا علم المفتي من حال المستفتي أنه مع حاجته إلى بيان حكم ما سأل عنه محتاج إلى أن يبين له معه حكم شيء آخر لم يسأل عنه ، والأصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام للصياد الذي سأله عن الوضوء بماء البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" [7]
6.       الإعراض عما لا يفيد والإفتاء بما يفيد: إذا سأل المستفتي عما لا يفيده وترك السؤال عما يفيده أعرض المفتي عما لا يفيد المستفتي وأفتاه بما يفيده، والأصل فيه قوله تعالى : ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ ﴾ (البقرة:189) حيث قالوا: ما لها تبدوا صغارا؟ ثم تكبر ثم تعود صغارا؟ فترك تعالى الجواب عن هذا السؤال لكونه لا يفيدهم وأفتاهم بما يفيدهم فقال: ﴿ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ ﴾
7.       أن لا يسرع بالفتوى: قبل استيفاء حقها من النظر والفكر إذا لم تتقدم معرفة له بالحكم المسئول عنه، وأما إذا سبقت معرفته بحكمه فلا بأس بالمبادرة.
8.       أن يقول لا أدري : إذا سئل عما لا يدري، ففي حديث جبريل المشهور: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل." وروى الإمام أحمد بن حمدان الحنبلي في كتابه القيم (صفة الفتوى والمفتي والمستفتي) عمن سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أي البلاد شر ؟ فقال : لا أدري فسأل جبريل فقال : لا أدري فسأل ربه عز وجل فقال : " أسواقها " . [8]
9.       أن لا تحمله الأغراض الفاسدة على تتبع الرخص والحيل المحرمة أو المكروهة.
10.     الحذر من الإفتاء في حال تشوش فكره: بغضب أو عطش أو حزن أو نعاس أو ملل أو تعب شديد أو مرض ونحوها من كل ما يخرجه عن حد الاعتدال.
11.     التفريق بين مسائل الفتوى ومسائل القضاء: فينبغي أن يكون المفتي حذرا من الوقوع والبت في ما هو من شأن القضاء.
12.     التيسير في مواطن الخلاف: فإن منهج السلف الصالح من هذه الأمة قائم على ضرورة تسامح المسلمين فيما بينهم فيما اختلفوا فيه إذا كان المختلف فيه مسألة من مسائل الاجتهاد قابلة للاختلاف، سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن قلد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد فهل ينكر عليه ويهجر؟ فأجاب رحمه الله: "الحمد لله..مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه، ولم يهجر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به، وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين" [9] وقال أيضا: "إن هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه، ..ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة." [10]
13.     الحذر من الفوضوية في الفتاوى: إن من الملاحظ في واقعنا أن للمسلمين غراما بالاستفتاء فما من شخص يتبوأ مكانة في الجرأة وشيء قليل من العلم والمعرفة إلا وتجد الناس يتسارعون إلى استفتائه في كثير من المسائل التي ربما سبق أن استفتوا فيها عددا غير قليل من أهل العلم، ولا يستغرب مع هذه الحال أن يوجد خلاف شديد وتناحر بين من يستفتون كل من هب ودب.
وإن مما يستغرب حقا أن الجمعيات والمؤسسات الإسلامية التي ظهرت مع طلوع شمس الصحوة المباركة لا يوجد في هياكلها التنظيمية في الغالب أي بند يخص رعاية شؤون الإفتاء، أو إعداد المفتين، ومعنى هذا أن كل فرد من أفراد المجموعة عالما كان أو نصفه أو أقل من ذلك من حقه أن يمارس الإفتاء على الانفراد دون مشورة الآخرين، وهذا يعني أن الارتجال في الإفتاء بات سمة أساسية لتلك الجمعيات التي أسست لتسعى إلى تصحيح ما اعوج من تصورات الناس لحقائق الدين وقضاياه.
وهذا مرتع خطير لا بد من وضع حد له، فإذا كان التطبيب من غير طبيب جريمة يعاقب عليها القانون الوضعي بأقسى العقوبات، فإن الإفتاء بغير علم ينبغي أن يعاقب عليه القانون عقوبة لا تقل عن العقوبة المرتبة على التطبب بغير علم تنزل بأولئك الذين يتصدون للإفتاء قبل تمكنهم من أدواته وعلومه الضرورية.
14.     في هذا العصر يتطلب الأمر الابتعاد قدر الإمكان عن الإفتاء الفردي خاصة في المسائل التي تعم بها البلوى ويمكن أن يترتب على الخطأ فيها تشتيت شمل الأمة، أو إيقاع شبابها في فتن لا مخرج لهم منها، وقد تصطلي الأمة كلها بنيرانها، ولهذا يرى عامة أهل العلم عدم تصدي الأفراد للاجتهاد في النوازل العامة ، وكان هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع أعيان الصحابة وعلمائهم عندما تنزل نازلة عامة ولا يكون فيها وحي من عند الله ، وكذلك كان منهج خلفائه رضوان الله عليهم أجمعين.
آداب المفـــــــــــــــتــــــــــي:
·        أولا: أن يكون ظاهره الورع مشهور بالديانة الظاهرة والصيانة الباهرة
·        ثانيا: أن يكون حسن الزي يلبس ما يليق به.
·        ثالثاً: أن يجتهد في إصلاح حاله، فيحمل نفسه على الالتزام بآداب الشرع في أعماله لأنه القدوة الحسنة.
·        رابعا: أن يتحلى بالمروءة الظاهرة وأن لا يفعل شيئا يستقبحه الناس مما يشينه وينقص من قدره .
·        خامسا: أن يصلح سريرته، فإذا نزلت به المسألة توجه إلى الله تعالى أن يسدد قوله وأن يلهمه الصواب ويفتح له طريق السداد ويبصره بالحق.
·        سادسا: أن يكون عاملاً بما يفتي به من الخير، منتهياً عما ينهى عنه من المحرمات والمكروهات ليطابق قوله فعله لأن الفعل يصدق القول أو يكذبه.
·        سابعا: ليس للمفتي أن يفتي في حال تغيّر خُلُقه كالغضب ونحوه .
·        ثامنا: إن كان عنده من يثق بعلمه ودينه فينبغي أن يشاوره ولا يستقل بالجواب تسامياً بنفسه عن المشاورة والاستعانة على الفتاوى بغيره من أهل العلم.
·        تاسعا : عدم إفشاء سر المستفتي، فهو كالطبيب يطلع من أسرار الناس وعوراتهم على ما لا يطلع عليه غيره.
آداب المستفتي:
فإنّ من أهمّها وأنفعها له، وأولاها بالأخذ عند استفتائه وسؤاله؛ هي:
·        أوّلاً: أن يتأدّب مع المفتي ويبجّله في خطابه وجوابه، ولا يومئ بيده في وجهه،‏ ولا يقل له: ما مذهبك؟ أو ليس هكذا تقول الفقهاء؟! أو نحو ذلك.
·        ثانياً: أن يبحث عن أهلية من يستفتيه إذا لم يكن عارفاً بأهليته؛ فلا يجوز له استفتاء من انتسب إلى العلم،‏ وانتصب للتدريس والإقراء وغير ذلك من مناصب العلماء،‏ بمجرد انتسابه وانتصابه لذلك.
·        ثالثاً: أن لا يسأله وهو على حالة ضجر، أو همٍّ، أو غضب، أو غير ذلك ممّا يشغل القلب، ويحول بينه وبين التّأمّل؛ فإنّ هذه الأحوال لا ينبغي أن يكون فيها استفتاء ولا إفتاء. ‏
·        رابعاً: أن لا يغفل ولا يدع الدعاء لمن يستفتيه.
·        خامساً: أنّه ينبغي له عند اختلاف المفتين في المسألة الواحدة، أن يلزم أعلمهم وأوثقهم عنده -على الأظهر-؛ فيأخذ بقوله ويقلّده؛ كما يجب تقديم أرجح الدّليلين، وأوثق الرّوايتين.
بقلم  مفتخر بالإسلام




التعليقات : 0

إرسال تعليق


أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي كود في تعليقك، حوله بهذه الأداة ثم ضع الكود المولد لتجنب اختفاء بعض الوسوم.
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.

المشاركات الشائعة