الحمد لله و صلى اللهم على
سيدنا محمد و على آله
و صحبه و سلم صلاة و سلام دائمين إلى يوم المئاب
الحمد لله الذي أرسل رسوله
بالهدى و دين الحق إلى العالمين بشيرا و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه سراجا منيرا
، يخرجهم من الظلمات إلى النور .
ونشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له و أن محمداً رسول
الله صلى الله على سيدنا و حبيبنا المصطفى الآمين و على آله و صحبه و سلم تسليما
كثيراً .
الديانة المصرية
القديمة
نشأة عقيدة
تطور
1) مقدمة :
يعتبر التدين أمرا فطريا في الإنسان سواء
كان حقا أو باطلا وهو ناموس أبدي مطلق كامنة بذوره في كل نفس حية مدركة ،فالتدين هو
اعتقاد قداسة ذات تؤدي بصاحبها إلى الخضوع لذلك المعبود حبا ورغبة أو ذلا ورهبة وهذا هو الدافع للتعبد والمصريون القدماء
من أكثر الأمم تمثيلا لهذه الفطرة ،فقد كان للتدين دورا هاما في حياتهم ،وهو يصدر دائما عن رغبة في المنفعة أو رهبة من الأخطار والمجهول فالإنسان لا
يتأثر بالدين فحسب بل يختلط ويمتزج به بشكل يجعله مستسلما بشكل عجيب لمعبوده وإلهه .
لقد كانت الطبيعة المحيطة بالإنسان المصري
القديم سببا في وجود آلهات متعددة وذلك من
خلال محاولة تفسير ظواهرها التي عجز عن فهمها واعتبرها قوة خارقة لا يستطيع عقله التفكير
فيها ،وأدى به الخوف والفزع من كل ما هو مجهول إلى احترام كل هذه القوى التي تؤثر في
حياته دون أن يعرف كنهها أو يراها إلا أنه كان يعتقد وجودها وكون في مخيلته صورا لها .
فالآلهة في رأي المصري القديم يمكن إرضاؤها
بالقرابين ،ويمكن أن تكون هذه الأخيرة صلة روحية بينه وبينها فاعتمد عليها وأحبها وقد احتفظ علم الآثار من بقايا مصر القديمة بالشيء
الكثير الذي يرتبط بالدين أكثر من ارتباطه بالحياة الدنيوية كالمقابر والأهرامات و الموميات التي لا تزال شاهدة على تلك الحقب الغابرة .
تعود أصول الديانة المصرية حسب قول جيفري
بار ندر إلى فترة مبكرة تصل إلى أربعة آلاف سنة 4000 قبل الميلاد عندما كان الاعتناء
بدفن "الثور" و"ابن آوى"وغيرهما
من الحيوانات أمورا تدل على عبادة الحيوان الذي كان رمزا للقوة كالصقر ،والبقرة التي
ترمز للبر والحنان.....الخ
من أنواع الحيوانات التي قدسوها لسبب من
الأسباب ،ومن أهمها أنهم كانوا يخوضون معارك مع خصومهم ،والمنتصر منهم يتخذ اسم أحد
الحيوانات وصورته ترمز لقريتهم ويرمزون للقرى الضعيفة بأسماء وأشكال حيوانات ضعيفة
.
واستمروا على هذا زمنا طويلا حتى نسي الناس
قصتهم وبقي الرمز وصارت أسماء تلك الحيوانات مقرونة بالتقديس، ومحاطة بهالة من التأليه
فقدست بلا فرق بين القوي والضعيف وصارت آلهة تعبد
وفي منتصف القرن السادس قبل الميلاد تم
إغلاق آخر معبد للآلهة إيريس في جزيرة قِيلةَ وبعد فترة من الاستقرار التي تميزت بكثرة
الآلهة حيث كان لكل إقليم من الأقاليم الاثنين والأربعين معبوده الخاص الذي يقيمون له المعابد ويصنعون له
التماثيل ويلتفون حوله في الأعياد وكانت مختلفة .
وبعدها حدث غزو وتسلل من منطقة سوريا وفلسطين
الحاليتين على يد الشعب المعروف بالهكسوس الذي أدخل على الديانة المصرية تأثيرات آسيوية
إلا أن العبادات الوطنية قد سمح لها بالازدهار وقامت عبادة جديدة .
هي عبادة سيرا بيس وكان السبب في تعدد
الآلهة عند المصريين القدامى حسب هنري فرانك فوت على أنه استمتاع بتعدد السبل ومزج
بين عدد كبير من العبادات والتقاليد المحلية المأثورة ومن المعلوم أن الصدارة في أي
مجتمع تكون للآلهة المسؤولة عن الخلق فنجد أن المصريين القدامى كانت لديهم أساطير متعددة
ولكن أسطورة هيلوبوليس كانت أوسعها انتشارا وتقول إن الإله الخالق الأول هو "أتوم
" الذي اتحد في هوية واحدة مع إله الشمس "رع" وتقول الأسطورة أن
"أتوم" خرج من إله المياه الذي يسمى "نون" .
ثم ظهر فوق تل وأنجب بغير زواج الإله
"شو" أي الهواء والآلهة "تف
نوت "أي الرطوبة وكان إله الهواء "شو" هو الذي زج بنفسه بين السماء
" نوت" وزوجها إله الأرض "جب" وبذلك فصل السماء عن الأرض وهنا
تمثل المصريون الإنجاب الطبيعي ويصدق الشيء
نفسه على أولادهما "وأزو ريس" و"إيريس" و"ست" ونف تيس"
....الخ.
وهذه الآلهة التسع تشكل ما يسمى
"تاسوع" , "هيلوبوليس"
وهو تطور للآلهة طبقه المصريون فيما بعد على مجموعة أخرى من الآلهة المحلية ، وخلص
المصريون إلى أن "أتوم" الذي يعني اسمه الواحد الكامل ظهر إلى الوجود بأن أوجد ذاته فهو إذن قد أنجب نفسه
إلى آخر الافتراضات الناتجة عن تعظيم مكونات الطبيعة إلى حد التأليه لكل ظاهرة من الظواهر
المؤثرة في البيئة والإنسان .
بالرغم من أن الآلهة المصرية التي كانوا
يصنفونها بحسب الأهمية والأولوية و بحسب اعتقادهم
فيها ، فكان لبعضها أهمية وقداسة جعلتها تتميز عن باقي الآلهة الأخرى ونذكر منها على
سبيل المثال
كبير الآلهة وخالق الكون وآمون
تعني الخفي ويصورونه على هيئة رجل برأس كبش ملتحي عليه قبعة فيها ريشتان طويلتان .
وهو إله الموتى والعالم السفلي
وإله الفيضان ويصورونه على شكل رجل ملتحي ولونه أخضر أو أسود ويلبس تاج مصر العليا
ويحمل في يده أداة دراس الحنطة وصولجانا وهما علامة قوته.
وهي إلهة ويعني المعتقد أو العرش صورتها على هيئة امرأة وعلى رأسها
كرسي العرش وتلقب بإلهة العرش الملكي .
إله الشمس والقمر وصوروه على شكل صقر أو إنسان برأس صقر واعتقد المصريون
أن عين هورس اليمنى هي الشمس وعينه اليسرى
هي القمر ومن أشهر أسماءه أبو الهول أي الصورة الحية .
وهو عبارة عن مجسم عجل ويعتبر أهم
العجول المقدسة في أرض النيل ويرمز به للخصوبة
يصورونه على هيئة آدمية ملفوفا مثل المومياء برأس حليق وكان
في أول أمره ربا للصناع و الصناعة ويمسك بيده رمز الحكم و القوة و الحياة حسب اعتقادهم
وهي ابنة "رع" وزوجته
حورس ورمزها المقدس الآلة الموسيقية السستروم
( الخشخيشة) وتعتبر حاتحور حامية المرأة
وآلهة المرح و الحب والموسيقى و الرقص و الأغاني
.
هو الشمس وهو إله السماء ووالد
فرعون .

إله القمر و العلم و الأدب و الحكمة
و الابتكار ويصورونه على شكل إنسان له رأس أبو منجل وأحينا على شكل قرد له رأس كلب
وهو مخترع الكتابة الهيروغليفية في اعتقادهم
لذلك سمي سيد الكلمات المقدسة .
من المعلوم أن كلمة العقيدة مأخوذة من
العقد وهو نقيض الحل وهو يدل على الشدة و الوثوق وتطلق العقيدة على الأمر الذي يعتقده
الإنسان ويعقد عليه قلبه وضميره ,بحيث يصير عنده حكما لا يقبل الشك وبما أن المصريين
القدامى عرفوا بقوة تدينهم وتعدد آلهتهم الناتج حتما عن معتقداتهم فيها .
ولاشك أن تفاوت المعبودات في الأهمية و
الأولوية ومن أهم وأشهر معتقدات المصريين القدامى .
كثير من الأديان الوضعية القديمة عرفت صورة الحياة
بعد الموت, ولكن صورتها عند المصريين كانت هي الأقرب فنجد للأديان السماوية في هذا
الجانب خاصة وفي الجوانب أخرى عامة .
فنجد أن المصريين القدماء كانوا يضعون
في قبور موتاهم كتابا به تعليمات توضيحية لكيفية المرور بالطريق بين الحياة الدنيوية
و الأخروية ويسمونه "كتاب الموتى" .
اعتقد المصريون القدماء أن الإنسان سيبعث ثانية بعد موته ليحيا حياة الخلود,
إذ تصعد روحه إلى السماء وصورتها على شكل طائر, وأن جسم الإنسان إذا ظل سليما بعد الدفن
عادت إليه الروح من السماء فالموت في نظرهم ليس هو النهاية فبعده يحيا الإنسان حياة
جديدة, وكان هذا الاعتقاد سببا في اهتمام المصريين القدماء بحفظ جثت الموتى عن طريق
تحنيطها, و التحنيط عملية برع فيها المصريون القدماء وكانت سرا من أسرارهم الخاصة استطاعوا
بواسطتها حفظ الجثة سليمة لتحل بها الروح وتعيش ثانيتا إلى الأبد .
يعتقد المصريون القدماء أن الموتى سيحاكمون
على كل ما فعلوه في الدنيا فيجازى المحسن على إحسانه ويعاقب المسيء على إسائته أمام
المحكمة المؤلفة من اثنين وأربعين قاضيا يمثلون أقاليم مصر, وعلى رأسهم الإله و أوزوريس
إله الموتى فيوضع قلب الميت في إحدى كفتى الميزان وفي الكفة الأخرى توضع ريشة تمثل
الإلهة "معات" إلهة الصدق و العدالة فإن خفت موازينه كان دليلا على أنه طاهر
فيكون بذلك من أهل الجنة أما إذا ثقلت موازينه كان دليلا على أنه آثم (توزن الذنوب)
فيساق إلى عذاب الجحيم وهذا الاعتقاد دفعهم إلى تسجيل أعمالهم الحسنة والتبرؤ من أعمالهم
السيئة و القيام بدعاء يقولون فيه"يا قلبي الخاص بي لا تقف شاهدا ضدي"
يعتقدون كذلك بأن الميت يمر خلال تلك المرحلة
باختبار صعب هو السير على حبل رفيع بين جبلين تحت هذا الحبل هاوية بها من الأهوال الكثير
فإن كانت روح الميت طيبة فإنه يمر مرورا سهلا
ينجو به و يرتقي إلى مرتبة الآلهة, أما إن كانت روحا خبيثة فإنه يهوي حتى ينتهي إلى
واد فيه الأفاعي و الحياة التي تتولى عقابه
بقسوة ويحرم نعيم الآخرة.
ويكون التخليد بعد تحديد مصير الميت إما إلى الحياة
الأخروية الناعمة أو إلى العذاب الأبدي الأليم, يعتقدون أنه بعدها يحيا حياة أبدية
ليس بعدها موت.
يتضح لنا انطلاقا مما درسناه أن الديانات المصرية القديمة كانت
لها جذور توحيدية صحيحة بإرسال الله لرسله و منهم سيدنا يوسف عليه السلام الذي كان
في مصر و دعا الناس للتوحيد وعبادة الله بالشريعة الحقة , ولكنها غيرت
وبدلت, وذلك راجع لطول العهد بها و التحريف الذي لحقها من طرف الحكام الجاهلين و العصاة
الذين يصوغون الأحكام بحسب ما يلائم مصالحهم و أهواءهم ويفرضون على من دونهم إتباعها
و التعبد بها وبعد مرور الوقت تصبح مسلما بها كدين يتبع وعقيدة راسخة في قلوب أصحابها.
لائحة المصادر و المراجع



التعليقات : 0
إرسال تعليق
أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي كود في تعليقك، حوله بهذه الأداة ثم ضع الكود المولد لتجنب اختفاء بعض الوسوم.
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.