| 0 التعليقات ]

أسباب الإرث :
يتوقف استحقاق الميراث شرعا على وجود أسباب تقتضي الإرث، وانتفاء موانع تمنع منه.
وأسباب الإرث محل خلاف بين الفقهاء من حيث العدد، ولكن المتفق عليه منها ثلاثة، جمعها البرهاني بقوله :
وهي ثلاثة نكاح ونسب            ثم ولاء ليس دونها سبب
ومجموعة في كلمة نون  ن : نكاح  ــــ  و : ولاء  ــــ  ن : نسب
وهذا بيانها على النحو التالي :
* تعريف السبب :
·     السبب في اللغة : هو ما يتوصل به إلى غيره، حسيا كان أو معنويا ؛ فالحسي كالحبل الذي يتوصل به إلى الماء من البئر، والمعنوي كالعلم الذي يتوصل به إلى الخير والفقه في الدين.
·     واصطلاحا : هو ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته. أي : أن السبب هو ما جعل الشارع الحكيم وجوده علامة على وجود حكم شرعي، وعدمه علامة على عدم الحكم الشرعي.
·     ومثاله : دخول شهر رمضان المبارك، فإن الله تعالى قد جعله سببا لوجوب الصوم على من كان من أهله ؛ وهو المسلم البالغ العاقل المقيم القادر على الصوم  .
فأسباب الميراث هي ما جعل الشرع وجودها سببا للحصول على الإرث، وعدمها سببا للحرمان منه. وإليك تفضيل وبيان الأحكام المتعلقة بهذه الأسباب المتفق عليها :
أولا : النكاح
ويقصد به عقد الزوجية الصحيح الخالي من الموانع، ولو لم يحصل دخول ولا خلوة. فخرج بالصحيح النكاح الفاسد ؛ وهو ما اختل شرطه، كمن عقد على امرأة بدون ولي. وخرج به النكاح الباطل ؛ وهو ما اختل ركنه، كمن عقد على ذات محرم عليه،    أو على خامسة، فهذان العقدان لا توارث بهما.
فالنكاح سبب من أسباب الإرث بين الزوجين من الجانبين، فمتى عقد رجل على امرأة عقدا صحيحا خاليا من الموانع الشرعية مستوفيا لشروطه كان ذلك سببا للتوارث بينهما. فإذا مات أحد الزوجين ولو قبل الدخول ورثه الآخر ؛ لعموم قول الحق سبحانه وتعالى : ﴿ ولكم نصف ماترك أزواجكم ﴾(النساء : 12).
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق – رضي الله عنها – أن لها الميراث من تركة زوجها، وكان زوجها قد مات عنها قبل الدخول بها، ولم يكن فرض لها صداقا. (رواه الخمسة، وصححه الترمذي)
* مسألة :
يقطع التوارث بين الزوجين الطلاق؛ وهو حل قيد النكاح أو بعضه. وهو نوعان :
·     الأول : الطلاق الرجعي ؛ وهو الطلقة والطلقتان ؛ فهذه يحق للزوج مراجعتها ما دامت في العدة، والمطلقة الرجعية ترث من زوجها بالإجماع إذا مات وهي في العدة ؛ لأنها زوجة، لها حكم الزوجات ما دامت في العدة، وسواء طلقها في حال صحته أم في حال مرضه.
·     الثاني : الطلاق البائن بينونة كبرى([4])، فهذا على ثلاثة أنواع :
-    الأول : أن يكون الطلاق وقع في حال صحة المطلق، أو في حال مرضه غير المخوف كالزكام ونحوه، فهنا لا ترث المطلقة منه بإجماع أهل العلم ؛ لأن صلة الزوجية انقطعت بالطلاق فصارت الزوجة أجنبية عنه، وهو غير متهم بحرمانها من الميراث.
-    والثاني : أن يكون الطلاق وقع في حال مرض الزوج المخوف، وهو غير متهم بحرمانها من الإرث، كمن نشزت عليه زوجته أثناء إصابته بمرض السرطان – أجارنا الله تعالى منه – وتبرمت من خدمته ومرضه فطلقها، فهذه لا ترث منه إجماعا.
-    والثالث : أن يقع الطلاق في مرض الزوج المخوف بقصد حرمانها من الميراث ؛ كمن أصابه الطاعون فطلق زوجته حتى لا ينالها شيء من تركته،   ترثه مطلقا ؛ خرجت من العدة أو لا، ما لم تتزوج بغيره، أو ترتد عن دينها، معاملة له بنقيض قصده ؛ إذ قصد الفرار من توريثها، وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة  
* ثانيا : النسب
·     النسب في اللغة : هو القرابة
·     واصطلاحا : هو علاقة بين شخصين بالاشتراك في ولادة قريبة كانت أو بعيدة وهو ثلاثة أنواع : أصول، فروع، وحواشي
·     فالأصول : هم الآباء والأمهات، وإن علوا.
    . وضابط من يرث من الأصول هو :
1-     الذكور : كل ذكر ليس بينه وبين الميت أنثى فإنه يرث وإن علا بمحض الذكور ؛ كالأب، وأبيه، وأبيه.
2-    الإناث : كل أنثى ليس بينها وبين الميت ذكر مسبوق بأنثى فإنها ترث وإن علت ؛ كالأم، وأم الأم، وأم الأب، وأم أم الأب. أما : أم أب الأم فلا ترث لأنها بينها وبين الميت ذكر مسبوق بأنثى، فهي من ذوي الأرحام
-         والفروع : هم الأبناء والبنات، ومن تفرعوا منهم، وإن نزلوا بمحض الذكورية ؛ ليخرج من ذلك أولاد البنات
·          وضابط من يرث من الفروع هو : كل من ليس بينه وبين الميت أنثى فإنه يرث، وما عدا ذلك فمن ذوي الأرحام ؛ فمثال من يرث منهم : الإبن، والبنت، وابن الإبن، وبنته، وإن نزلوا. ومثال من لا يرث منهم : ابن البنت، وبنت البنت، وإن نزلوا.
-         والحواشي : ضابطهم ؛ من لآبائك عليهم ولادة، أو من تفرعوا من أصولك، أو هم فروع الأصول؛ وهذا يشمل الإخوة، والأخوات، وأبنائهم، والأعمام، والعمات، وأبنائهم، وإن نزلوا.
  وضابط من يرث من الحواشي :
1-    الذكور : كل من أدلى للميت بذكر فإنه يرث كالإخوة وأبنائهم، والأعمام وأبنائهم، وأما من يدلي بأنثى فلا يرث، كأبناء الأخوات، والأخوال، ما عدا الإخوة لأم فإنهم يدلون للميت بالأنثى (الأم) ويرثون معها بنص القرآن.
2-     الإناث : لا يرث من إناث الحواشي مطلقا إلا الأخوات ؛ سواء كن شقيقات، أم لأب، أم لأم، وما عداهن فمن ذوي الأرحام.
       * مسألة :
       الأخ من الرضاعة هل يعتبر وارثا أم لا ؟
·     الرضاع في اللغة : هو مص اللبن من الثدي، أو شربه
·     واصطلاحا : هو مص من دون الحولين لبنا ثاب من أنثى عن حمل أو شربه أو نحوه.
-    والرضاع حكمه حكم النسب في حكم النكاح، والخلوة، والمحرمية، وجواز النظر، إذا كان في الحولين، وبلغ خمس رضعات فأكثر ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة». (رواه الجماعة)
وأما التوارث بين الأخ وأخيه من الرضاع فغير معتبر ؛ بالإجماع، فليس الرضاع سببا من أسباب التوارث.
ثالثا : الولاء
·     وهو في اللغة : النصرة، والقرابة، والملك.
·     واصطلاحا : عصوبة سببها نعمة المعتق على عتيقه بالعتق.
والإرث بالولاء مقدم على الرد، ومقدم كذلك على توريث ذوي الأرحام ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «الميراث للعصبة، فإن لم يكن عصبة فللمولى». (رواه أحمد، والدارمي، وسعيد بن منصور)
* من الذي يرث بالولاء ؟
* جمهور أهل العلم على أن الذي يرث بالولاء هو السيد (المعتق) ؛ فيرث عتيقه الذي أنعم عليه بالعتق إذالم يكن له وارث شرعي، فإن لم يوجد السيد المعتق فيرث المعتق عصبته المتعصبون بأنفسهم، وهم الذكور ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «الولاء لحمة كلحمة النسب». (رواه ابن حبان، والحاكم، وصححه)، وفي الصحيحين : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إنما الولاء لمن أعتق».
       فمثلا : لو أعتق خالد رقيقه عبد الله، فمات عبد الله، وليس له وارث، فإن خالدا يرثه. ولو مات عبد الله وخالد معا ولخالد ولد فإنه يرث عبد الله، ولو كان له ولد وبنت فإن الولد يرث دون البنت ؛ لأن الولد عاصب بالنفس، والبنت عاصبة بالغير، ولو كان لخالد بنت وأخت شقيقة وعم، فإن الذي يرث عبد الله هو العم فقط ؛ لأنه عاصب بالنفس، وما عداه عاصب بغيره.
  * فائدة :
       قد تشترك الأسباب الثلاثة للميراث في شخص واحد؛ فيرث بثلاث جهات : كما لو اشترى الرجل ابنة عمه المملوكة، فأعتقها، وتزوجها، ثم ماتت عنه؛ فهو زوجها، وابن عمها، ومعتقها؛ فيرث جميع المال؛ نصفه بالزوجية، ونصفه بالنسب.

المصدر : الدكتور حسين مختاري


التعليقات : 0

إرسال تعليق


أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي كود في تعليقك، حوله بهذه الأداة ثم ضع الكود المولد لتجنب اختفاء بعض الوسوم.
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.

المشاركات الشائعة