| 0 التعليقات ]



شرح الآجرومية موسع


قول الماتن : النواصب عشرة


فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ــــــــــــــــ

قال الماتن :
فالنواصب عشرة وهي :
أن ، ولن
أخذنا " لن"
فقوله : ولن :
لن : أداة نصب ونفي و استقبال .
لو قلت : لن يذهبَ زيدٌ
لن : أداة نصب ونفي واستقبال
يذهب : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره
زيد : فاعل
هي أداة نصب : لأنه تنصب الفعل المضارع
وهي أداة استقبال : لأنها تحول الفعل المضارع من الحال إلى الاستقبال
كما أن " لم " تحول الفعل المضارع من الحاضر إلى الماضي
وقد جمعها ذلك قوله تعالى :
(( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فوقا النار التي وقودها الناس والحجارة ))
لم : أداة جزم
تفعلوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون
والواو : ضمير في محل رفع فاعل
ولن : أداة نصب
تفعلوا : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة
ـ لم تفعلوا : يعني في الماضي
ولن تفعلوا : يعني في المستقبل
وقلنا :
هي أداة نفي : لأنها تنفي الفعل،تنفي حدوث ووقوع الفعل
فهنا : لن يذهب : نفي لذهاب زيد
ولكن :
أتكون " لن " في كونها للنفي " لا " النافية أهما في النفي سواء ؟
الجواب : لا
فنحن نقول : لا يقوم زيدٌ
هنا : نفي لقيامه
فـ" لا "هنا نافية
أما بالنسبة لـ " لن " فإنها لتأكيد النفي :
يعني : أعلى درجة من " لا " النافية
لن يذهب : زيد فيه تأكيد لنفيه
بل إن بعض العلماء : يرى أن " لن " لتأبيد النفي أي للنفي المؤبد
فإذا قلت :
لن يدرس زيدٌ :
فهو تأبيدٌ لنفي الدراسة
وهذا موضع خلاف
لن أتفيد تأكيد النفي أم تأبيد النفي ؟
بعض العلماء يقول : إنها ليست لتأبيد النفي :
قال ابن مالك :
ومن رأى النفي بلن مؤبَّدا
فقوله اردد وما سواه فاعضدا
ودليلهم :
قوله عز وجل :
(( ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم ))
فأخبر عز وجل عن اليهود أنهم لن يتمنوا الموت
فلو قيل بأنها مؤبدة فإنهم لن يتمنوه أبدا بل جاءت كلمة أبدا تأكيدا ومع ذلك فإنهم يتمنونه :
قال تعالى :
(( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك ))
القول الثاني : أنها تفيد تأبيد النفي
ويستدلون على ذلك بأدلة :
من القرآن :
قوله تعالى لما تحداهم أن يأتوا بسورة قال :
(( ولن تفعلوا ))
فهذا تأبيد للنفي فإنهم لن يستطيعوا أبدا أن يأتوا بسورة
ومن السنة :
ما جاء في صحيح مسلم في الحديث القدسي :
قوله عز وجل :
(( إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ))
وهذا لا شك أنه لتأبيد للنفي فإن الخلائق كلها لن تستطيع أن تبلغ ضر الله عز وجل
فما هو الراجح ؟
هناك قول ثالث وقد ذ كره الشنقيطي أنها لتأبيد النفي إلا إذا وجد دليل يخرجها عن هذا الأصل :
فيكون ما استدل به من قال بعدم التأبيد : (( ولن يتمنوه أبدا )) خارجا بدليل
ما هو الدليل ؟
(( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك ))
وكذلك قوله تعالى في شأن موسى :
((قال لن تراني ))
ومعلوم أن النصوص تواترت على رؤية الله عز وجل فيكون هذا مستثنى فيكون الله نفى الرؤية في الدنيا أما في الآخرة فهو يرى عز وجل
وهذا القول جمع بين القولين
وذلك لأن قولك مثلا : لن يذهب زيد ليس لتأبيد النفي فقد يذهب
وقال رحمه الله :
(( وإذن )) :
ــــــــــــــــــ
إذن : أداة نصب وجواب
لو قال لك قائل : سأزورك غدا
فأجبته فقلت : إذن أكرمَك
فـ " أكرمك " فعل مضارع منصوب بإذن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره
إذن هي حرف نصب لأنها نصبت الفعل المضارع
وهي أداة جواب : لأنها جواب لجملة سابقة
ما هي الجملة السابقة ؟
سأزورك غدا
فأجبته : إذن أكرمَك
لكن يشترط في عملها ما يأتي :
أولا :
أن تكون مصدرة :
بمعنى : أنها تكون في صدر الكلام
فلو قال شخص : سأزورك غدا
فقلت له : أكرمك إذن
فلو قلت : أكرمك إذن فإن الفعل يرتفع
فلا تقل : أكرمَك إذن بالنصب تقله بالرفع : أكرمُك :
وهو فعل مضارع مرفوعة وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره
الثاني :
ألا يفصل بينها وبين الفعل بفاصل :
لو قال : أزورك غدا
فقلت : إذن في الصباح أكرمُك .
و لا يصح : إذن في الصباح أكرمَك
فنقول : أكرمك : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على ىخره
ونقول في " إذن " هي حرف جواب
ويتسامحون في القسم :
لو قال : أزورك غدا
تقول : إذن والله أكرمَك
إذن : حرف جواب ونصب
الواو : حرف قسم
الله : مقسم به مجرور بواو القسم
أكرمَك : فعل مضارع منصوب بإذن و علامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره
الشرط الثالث : أن تكون للمستقبل
فلو قلت : إذن الآن أكرمك :
فإذن أداة جواب :
أكرمك : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والسبب أن الفعل سيقع في الحال بدليل " الآن "
ثم قال :
(( وكي "":
ــــــــــــــــــــــــ
حرف " كي " : أداة نصب وتعليل
كما لو قلت : صل في المسجد كي تنالَ ثواب الله :
صل : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة لأنه معتل الآخر
في : حرف جر
المسجد : اسم مجرور بفي وعلامة جره السكرة
كي : أداة نصب
تنال : فعل مضارع منصوب بكي وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره
والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت وجوبا
ثواب : مفعول به منصوب بالفتحة وهو مضاف
والله :مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة
وقلنا :
أداة نصب : لأنها تنصب الفعل المضارع
وتعليل : لأنها علة وقوع وحدوث الفعل
يصلي في المسجد من أجل أن ينالَ ثواب الله
لماذا لم نقل : من أجل تنالَ ؟
إذن الناصب " أن " ليس الناصب "كي "
البصريون يرون أن الناصب أن المضمرة
والكوفيون يرون كي هي الناصبة
ثم قال :
(( ولام كي ))
ما قيل في كي يقال في لام كي
وأضيفت إلى كي لأنها تحل محل كي من حيث : المعنى ومن حيث التأثير
فلو قلت : صل في المسجد لتنالَ ثواب الله :
اللام : أداة تعليل ونصب
تنال : فعل مضارع منصوب بلام كي وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره
وهي نصب : أنها تنصب المضارع
وتعليل : لأنها تعلل حدوث الفعل :
أي : صل في المسجد من أجل أن تنال ثواب الله
ثم قال :
(( ولام الجحود )):
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ويشترط فيها أن يسبقها [ كون منفي ]
كقوله عز وجل :
(( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ))
اللام هنا ليست لام كي وإنما هي لام الجحود
ويعذبهم : فعل مضارع منصب بلام الجحود وعلامة نصبه الفتحة
واشترط أن يكون قبله كون مسبوق بنفي لأن ما هنا نافية
ثم قال :
(( وحتى )) :
حتى : أداة نصب وغاية
قال عز وجل :
((وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ))
حتى : أداة نصب وغاية
تكون : فعل مضارع منصوب بحتى وعلامة نصبه الفتحة
هي أداة نصب : لأنها تنصب الفعل المضارع
وهي أداة غاية : لأنها تفيد غاية الشيء :
بمعنى : أن القتال يجب أن يستمر إلى غاية أن تذهب الفتنة
قال :
(( والجواب بالفاء والواو )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك بيت من الشعر يتركب على ذلك فهذا البيت لابد أن يشرح
وسنشرح ذلك لكن قبل ذلك لا بد من إمرارة سريعة للمراجعة على ما تم شرحه
تطبيق على ما سبق ؟

س / أعرب" كي تقر عينها" كي : أداة نصب وتعليل
تقر : فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه الفتحة
عينها : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة .
س/ اذكر مثال على "لام الجحود "ج / : ((وما كان الله ليطلعكم على الغيب ))
(( ما كان الله ليذر المؤمنين ))
س \ مثال على لام التعليل أو لا م كيج \ ذاكر لتنجحَ .
قرأت القرآن لأتدبره
قوله تعالى : (( ليدبروا آياته ))
س \ مثال على " حتى " .ج \ انتظر حتى يصلَ القطارُ .
س \ (( علم أن سيكونُ ))لماذا ضمت النون مع وجود أن ؟
ج \ النون مضمومة للفاصل الذي حصل بين أن والفعل وهو السين .
» تابع القراءة

| 0 التعليقات ]


بسم الله الرحمن الرحيم


الحَمْدُ لِلٌهِ الٌذِى علٌمَ الإنسانَ مالمْ يَعلمْ وهداه بعدَ الضٌلالِ وفقه بعد غفله. والصٌلاةُ والسٌلامُ على ﺃشرف الأنبياء والمرسلينَ وعلى آلهِ وصحبه ﺃجمعينَ .

و بعد, نشكرُ اللهَ تعالى الذى أعطعنا القوٌة والنشاط فى اتمامِ المقالةِ, ونشكرُ ﺃيضًا على محاضرةِ القواعد " الاستاذة درﺃ. ماريانى " التى قد وهبتْ لنا هذه الفرصةَ على تقديمِها وﺇليكم.

كما علِمنا, ﺃنٌ الفعل باعتبار زمنه ينقسم ﺇلى ثلاثة ﺃفعال يعنى : الفعل الماضى, الفعل المضارع, والفعل الأمر.
والفعل المضارع هو ما دلٌ على معنى مقترن بزمان صالح للحاضر أو المستقبل و يدخل ﺇليه ﺇحدى الزوائد الأربع وهى الهمزة والنون والتاء والياء. كان الفعل المضارع مبنيٌا ومعربًا .

والفعل المضارع مبنيٌ ﺇذا اتٌصل بالنٌون النٌسوة والنٌون التوكيد ثقيلةً أو خفيفة. وإعراب الفعل المضارع هو مرفوع ومنصوب و مجزوم. وفى هذه المقالة نبحث عن " نواصب الفعل المضارع ". ونسأل المولى جلٌ شأنه ﺃن ينفع بهذه المقالة, وهو الموافق للحقٌ والصواب.


البحث
نواصب الفعل المضارع
ﺃ- القواعد
۱- ينصب الفعل المضارع متى سبقه ﺃحد النواصب اﻷربعة ، هى : ﺃن– لن- ﺇذن- كى.
۲- ينصب المضارع ﺇذا تقدمته ﺇحدى النواصب وهى ﺃربعة : ﺃن ، لن ، ﺇذن ، كى.
۳- ينصب المضارع ﺇذا سبقته ﺇحدى النواصب. وهو ينصب ﺇما لفظا ، وﺇما تقديرا ، كما سلف ، و إما محلا إن كان مبنيا ، مثل : ( على اﻷمهات ﺃن يعتنين ﺒﺄولادهن )
٤- ينصب الفعل المضارع ﺇذا سبقه ﺃحد حروف النصب وهى : ( ﺃن - لن - ﺇذن – كى )
و( فاء السببية) و ( واو الماعية) وهى بمعنى ( مع) و يشترط ﺃن تكون مسبوقة ﺒﺄداة نفى ﺃو بفعل طلبى كاﻷمر والنهى, وكذلك ( ﺃو ) التى هى بمعنى ( ﺇلى ) او ( ﺇلا )
و ( حتى ) التى تدل على انتهاء الغاية ﺃو التعليل.
ب- علامة نصب الفعل المضارع
علامة نصب الفعل المضارع هي :
۱- الفتحة ، مثال : لن ﺃكتب – لن تكتب – لن نكتب – لن يكتب.
۲- إذا كان الفعل المضارع معتل الآخر باﻷلف ﺃو بالواو ﺃو بالياء ، ﻓﺈنه ينصب :
- بفتحة مقدرة ، إذا كان آخره ﺃلفا ، مثال : لن يرضَى – لن يتبارَى
- بفتحة ظاهرة ، إذا كان آخره واوا ﺃو ياء ، مثال : لن يشكوَ – لن يرمىَ- لن يبنىَ
۳- ينوب عن الفتحة حذف النون ، إذا كان الفعل من اﻷفعال الخمسة ، مثال : لن تكتبا –
لن يكتبا – لن تكتبوا – لن يكتبوا – لن تكتبى.
ج- نواصب الفعل المضارع
▪ ( ﺃن ) ، وهى حرف مصدرية ونصب واستقبال ، نحو : (يريد الله ﺃن يخفف عنكم ) (وسميت مصدرية ، ﻷنها تجعل ما بعدها فى ﺗﺄويل مصدر، ﻓﺗﺄويل اﻵية : (يريد الله التخفيف عنكم)، وسميت حرف نصب ، لنصبها المضارع. وسميت حرف استقبال ،ﻷنها تجعل المضارع خالصا للاستقبال. وكذلك جميع نواصب المضارع تمحضه الاستقبال ، بعد ﺃن كان يحتمل الحال والاستقبال.
ﻓﺈن وقعت بعد ما يدل على اليقين ، فهى مخففة من (ﺃن) ، والفعل بعدها مرفوع ، نحو : (ﺃفلا يرون ﺃلا يرجع ﺇليهم قولا). وﺇن وقعت بعد ما يدلٌ على ظنٌِ ﺃو شبهِه ، جاز ﺃن تكون ناصبة للمضارع ، وجاز أن تكون مخففة من المشددة ، فالفعل بعدها مرفوع. وقد قرئت : (وحسبوا ألا تكون فتنة) ، بنصب (تكون) على أن (أن) ناصبة للمضارع ، وبرفعه على أنٌها مخففة من (أنٌٌَ). والنصب أرجح عند عدم الفصل ِ بينها وبين الفعل ﺑ (لا) ، نحو : (أحسب الناس أن يُتركوا) والرفع والنصب سواء عند الفصل بها ، كالآية الأولى. فإن فُصِل بينهما بغير (لا) ﻛ (قد) والسين وسوف ، تعيٌن الرفع ، وأن تكون (أن) مخفٌفة من المشدٌدة ، نحو : (ظننتُ أن قد تقوم ، أو أنْ ستقومُ ، أو أن سوف تقومُ ).
واعلم أنٌ (أن) الناصبة للمضارع ، لا تستعمل إلاٌ فى مقام الرجاء والطٌمع فى حصول ما بعدها ، فجاز أن تقعَ بعد الظنٌ وشبهه ، وبعد ما لا يدلٌ على يقين أو ظنٌ ، وامتنع وقوعُها بعد أفعال اليقين والعلم الجازم ، لأ هذه الأفعال إنما تتعلق بالمحقٌق ، فلا يناسبها ما يدلٌ على غير محقٌق ، وإنٌما يناسبها التوكيد ، فلذا وجب أن تكون (أن) الواقعة بعدها مُخفٌفة من المشدٌدة المفيدة للتوكيد.
- أن (المصدرية) ومعنى المصدرية أنها يمكن أن تؤول مع الفعل المضارع بعد بمصدر.مثل : (يسرٌنى أنْ تتقدٌمَ) (تتقدٌمَ : فعل مضارع منصوب بالفتحة والفاعل ضمير مستتر تقدير ، أنت. والمصدر المؤول من أن والفعل اى تقدٌمُك فاعل ليسرنى.
▪ ( لنْ ) ، وهى حرف نفى ونصب واستقبال ، فهى فى نفى المستقبل كالسين وسوفَ فى إثباته. وهى تفيد تأكيد النفى لا تأييده ، وأما قوله تعالى : (لنْ يخلقوا ذباباً).
- لنْ : حرف يفيد النفى والاستقبال ، بالاتٌفاق (انتفاء حصول الفعل فى المستقبل) ،
مثل : (لنْ أقومَ).
- لنْ : للنفى فى المستقبل ،مثل : (لنْ يضيعَ الحقٌ َ المغتصبُ )
(يضيعَ : فعل مضارع منصوب بالفتحة)
▪ ( إذَنْ ) ، وهى : حرف جواب وجزاء ونصب واستقبال ، تقول : ( إذ َنْ تُفلحَ ) ، جوابا لمن قال : ( سأجتهدُ ). وقد سمٌيت حرفَ جواب ، لأنٌها تقع فى كلام يكون جوابا لكلام سابق. وسمٌيت حرفَ جزاء ، لأنٌ الكلام الداخلة عليه يكون جزاءً لمضمون الكلام السابق. وقد تكون للجواب المحض الذى لا جزاء فيه ، كأن تقول لشخص ٍ : ( إنٌى أ ُحبٌك ) ، فيقول : ( إذ َنْ أظنٌك صادقا ) ، فظنٌك الصدق فيه ليس فيه معنى الجزاء لقوله : ( إنى أحبك ) .
وهى لا تنصب المضارع إلاٌ بثلاثة شروط :
١- أن تكون فى صدر الكلام ، أي : صدرِ جملتها ، بحيث لا يسبقها شئ له تعلٌق بما بعدها. وذلك كأن يكونَ ما بعدها خبرا لما قبلها ، نحو : ( أنا إذنْ أكافئك ) ، أو جوابَ شرط ، نحو : ( إنْ تزرنى إذنْ أزرك ) ، جواب قسم ، نحو : ( واللهِ إذنْ لا أفغل ) .
وإذا سبقتها الواو أو الفاء ، جاز الرفع وجاز النصب. والرفع هو الغالب. ومن النصب قوله تعالى : ( أم لهم نصيب من الملك فإذاً لا يؤتوا الناس نقيراً ) ، وقرأ السبعة : (وإذًا لاٌ يلبثون) و (فإذًا لاٌ يؤتون) ، بالرفع.
۲- أن يكون الفعل بعدها خالصًا للاستقبال. فإن قلتَ : (إذنْ أظنٌك صادقًا) جوابًا لمن قال لك : (إنٌى أحبٌك) ، رفعت الفعل لأنٌه للحال.
٣- ألاٌ يُفصل بينها وبين الفعل بفاصل غير القسم و(لا) النافية ، فإن قلتَ : (إذنْ هم يقومون بالواجب) ، جوابًا لمن قال : (يجود الأغنياء بالمالفى سبيل العلم) ، كان الفعل مرفوعًا ، للفصل بينهما بغير الفواصل الجائزة. فإن فُصل بينهما بالقسم ، أو (لا) النافية ، فالفعلُ بعدها منصوب ، فالأول نحو : (إذنْ واللهِ أُكرمَك) والثانى نحو : (إذنْ لا أجيئك).
وأجاز بعضُ النحاةِ الفصل بينهما – فى حال النصب – بالنداء ، (إذنْ يا زهيرُ تنجحَ) ، جوابًا لقوله : (سأجتهد). وأجاز ابنُ عصفورٍ الفصلَ أيضًا بالظرف والجارٌ والمجرور. فالأول نحو : (إذنْ يومَ الجمعةِ أجيئَك) ، والثانى نحو : (إذنْ بالجدٌ تبلغَ المجدَ).
▪ ( كىْ ) ، وهى : حرف مصدرىٌ ونصبٍِ واستقبال. فهى مثل : (أنْ) ، تجعل ما بعدها فى تأويل مصدر. فإذا قلتَ : (جئتُ لكي أتعلٌم) ، فالتأويل (جئت للتعلٌم) وما بعدها مؤوٌل بمصدرٍ مجرورٍ باللاٌم.َ
- كىْ : وهى حرف مصدرى ونصب واستقبال. وهى تُستعملُ مع لام الجرٌ التعليليٌة
(مذكورة ً). نحو : (جئتُ لكىْ أتعلٌمَ) أو (مُقدٌرة ً). نحو : (جئتُ كىْ أتعلٌمَ).
- كىْ : للتعليل. مثل : (ادرسا كىْ تنجحا) (تنجحا : فعل مضارع منصوب بحذف النون)
د- الفعل المضارع منصوب بـ (أنْ) مُضمرة
قد اختصت (أنْ) من بين أخواتها بأنٌها تنصب ظاهرةً ، نحو : (يريد الله أنْ يُخفٌفَ عنكم) ، و مقدٌرةً ، نحو : (يريد الله ليبيٌنَ لكم) ، أى : لأنْ يُبينَ لكم.
وإضمارها على ضربين : جائزٍ وواجبٍ


أ- إضمار (أنْ) جوازاً : تقدٌر (أنْ) جوازاً بعد ستٌةِ أحرفٍ :
١- لام (كىْ) (وتُسمى لامَ التعليل أيضاً) ، وهى : اللا م الجارَة التى يكونُ ما بعدها علة ً لما قبلها و سبابًا له ، فيكون ما قبلها مقصودًا لحصول ما بعدها ، نحو : (وأنزلنا إليك الذكر لتُبيٌنَ للناس).
وإنٌما يجوزإضمار(أنْ) بعدها إذا لم تقترن ﺑ (لا) النافية أو الزائدة. فإنٌ اقترنت بإحداهما ، وجب إظهارُها. فالنافية نحو : (لئلاٌ يكونَ للناس على الله حجٌة) ، والزائدة نحو : (لئلاٌ يعلمَ أهلُ اكتاب).
٢- لام العاقبة ، وهى : اللام الجارة التى يكون ما بعدها عاقبة لما قبلها ونتيجة له ، لا علٌة ً فى حصوله ، وسبابًا فى الإقدام عليه ، كما فى لام (كىْ). و تُسمى لام الصيرورة ، ولام المآ ل ، ولام النتيجة أيضا ، نحو : (فالتقطه ءال فرعونَ ليكونَ لهم عدوٌا وحزنًا).
٣- (الواو العطف) ، نحو : (أرضى بالفرار وأسلم) ، أىْ : أرضى بالفرار والسلامة.
٤- (الفاء العطف) ، نحو : (تعبك فتنال المجد خير لك) ، أىْ : تعبك فنيلك المجد خير لك.
۵- ( ثُمٌ ) ، وهى حرف العطف ، نحو : (يرضى الجبانُ بالهوان ثمٌ يسلمَ) ، أى : يرضى بالهوان ثم السلامة.
٦- ( أوْ ) ، وهى حرف الغطف ، نحو : (الموت أو يبلغَ الإنسان مأمله أفضلُ) ، أى : الموت أوْ بلوغه الأملَ أفضلُ.
الواو والفاء و( ثم ٌ) و( أوْ) العاطفة. وإنما ينصب الفعل بعدهنٌ ﺑ (أنْ) مضمرة ، إذا لزم عطفه على اسم محض ، أى : جامد غير مشتق ، وليس فى تأويل الفعل ، كالمصدر وغيره من الأسماء الجامدة ، لأنٌ الفعل لا يعطفُ إلاٌ على الفعل ، أوْ على اسم هو فى معنى الفعل وتأويله ، كأسماء الأفعال والصفات التى فى الفعل.
ب- إضمار (أنْ) وجوبًا : تُقدٌرُ (أنْ) وجوبًا بعد خمسة أحرف :
١- لام الجحود ، وسمٌاها بعضُهم لامَ النفى ، وهى لام الجر التى تقع بعد (ما كان) أوْ (لمْ يكنْ) الناقصتين ، نحو : (وما كان الله ليظلمَهم) ، ونحو : (لم يكن الله ليغفرَ لهمْ).
ﻓ ( يظلمُ) و(يغفرُ) : منصوبان ﺑ (أنْ) مضمرة وجوبًا ، والفعل بعدها مؤوٌل بمصدر مجرور باللام. وخبر (كان) و(يكن) مقدر. والجار والمجرور متعلقان بخبرها المقدر ، والتقدير : (ماكان الله مريدًا لظلمهم ، ولم يكنْ مريدًا لتعذيبهم).
- لام الجحود و هى لام يُؤتى بها لتأكيد النفى : بعد كان الناقصة المنفيٌة بما – أوْ يكونُ الناقصة المنفيٌة بلم ، نحو : (ماكان الصديق ليخونَ صديقَه) و (لم يكنْ الشرطيٌ ليسرقَ).
٢- فاء السببيٌة (وهى التى تفيد أنْ ما قبلها سبب لما بعدها ، وأنْ ما بعدها مسبب عما قبلها) ، كقول تعالى : (كلوا من طيٌبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحلٌ َ عليكم غضبى).
٣- واو الماعيٌة ، وهى التي تفيد حصولَ ما قبلها مع ما بعدها ، فهى بمعنى (مع) تفيد المصاحبةَ ، كقول الشاعر : (لا تنه عن خلقٍ وتأتىَ مثلَه).
والواو والفاء هاتان لا تقدٌر (أنْ) بعدهما إلاٌ إذا وقعتا فى جواب نفى أوْ طلبٍ ، فمثال النفى مع الفاء : (لمْ تَرحمْ فتُرحمَ). ومثال الطلب معها : (هل ترحمون فتُرحموا ؟) ومثال النفى مع الواو : (لا نأمرُ بالخير ونعرضَ عنه). ومثال الطلب معها : (لا تأمروا بالخير وتعرضوا عنه).
فإنْ لمْ يسبقهما نفى أوْ طلب ، فالمضارع مرفوع ، ولا تقدٌرُ (أنْ) ، نحو : (يكرمُ الأستاذُ المجتهٍدَ فيخجلُ الكسلانُ) ، ونحو : (الشمسُ طالعة وينزلُ المطر).ُ
ج‌- حتٌى ، وهى (حتٌى الجارٌة) ، التى بمعنى (إلى) أوْ لام التعليل. فالأوٌل نحو : (قالوا لنْ نبرحَ عليه عاكفين حتٌى يرجع إلينا موسى). والثانى نحو : (أطع الله حتٌى تفوزَ برضاه) ،أىْ : إلى أن يرجِعَ ، و لتفوزَ .
إنْ كان الاستقبال بالنسبة إلى زمان التكلٌم وإلى ما قبلها ، وجب النصبُ لأنٌ الفعلَ مستقبل حقيقةً ، نحو (صُمْ حتٌى تغيبَ الشمسُ) : فغياب الشمس مستقبل بالنسبة إلى كلام المتكلٌم ، وهو أيضًا مستقبل بالنسبة إلى الصيام. وإنْ كان الاستقبال بالنسبة إلى ما قبلها فقط ، جاز النصبُ وجاز الرفعُ. وقد قُرئَ قولُه : (وزلزلوا حتٌى يقولَ الرسولُ) بالنصب ﺑ (أنْ) مضمرةً ، باعتبار استقبال الفعل بالنسبة إلى ما قبله ، لأنٌ زلزالَهم سابق على قول الرسول. وبالرفع على عدم تقدير (أنْ) ، باعتبار أن الفعل ليس مستقبلا حقيقةً ، لأنٌ قول الرسول وقع قبل حكاية قوله ، فهو ماض بالنسبة إلى وقت التكلٌم ، لأنٌه حكايةُ حال ماضية ، و (أنْ) لا تدخل إلاٌ على المستقبل.
۵- أوْ : لا تضمر بعدها (أنْ) إلاٌ أنْ يصلحَ فى موضعها (إلى) أوْ (إلاٌ) الاستثنائية ، نحو : (اضرِبْ المُذنِبَ أوْ يتوبَ) ، أىْ : إلاٌ أنْ يتوبَ – أوْ : إلى أنْ يتوبَ.
إنٌ تقديرَ (إلاٌ) أوْ (إلى) مكان (أوْ) هو تقدير يلاحِظ فيه المعنى. فتكون أوْ وحتٌى : بمعنى إلى إذا كان ماقبلها ينقضى شيئًا فشيئًا. وبمعنى إلاٌ إذا كان ينقضى دفعة واحدة. وبمعنى لام التعليل إذا كان علة لما قبلها.

الاختتام
الخلاصة
١- ينصب المضارع ﺇذا سبقته ﺇحدى النواصب. وهو ينصب ﺇما لفظا ، وﺇما تقديرا ، كما سلف ، و إما محلا إن كان مبنيا ، مثل : ( على اﻷمهات ﺃن يعتنين ﺒﺄولادهن ) .
۲- علامة نصب الفعل المضارع هي : الفتحة ، بفتحة مقدرة أوْ فتحة ظاهرة (إذا كان الفعل المضارع معتل الآخر باﻷلف ﺃو بالواو ﺃو بالياء) و ينوب عن الفتحة حذف النون (إذا كان الفعل من اﻷفعال الخمسة) .
٣- ينصب الفعل المضارع إذا سبقه أحد من أحرف النواصب ، يعنى : أنْ – لَنْ – إذَنْ – كى
٤- الفعل المضارع منصوب بـ (أنْ) مضمرة على ضربين يعنى : جوازًا و وجوبًا .
- إضمار (أنْ) جوازاً على ستة أحرف هى : لام كىْ (لام التعليل) – لام العاقبة – الواو العطف – الفاء العطف – ثمٌ – (أوْ) العطف.
- إضمار (أنْ) وجوبًا على خمسة أحرف هى : كىْ – حتٌى – لام الجحود – الفاء السببيٌة – الواو الماعيٌة – (أوْ)

المراجع

 على الجارم و مصطفى ﺃمين . النحو الواضح. دار المعارف. مصر. ۱۹٥٤
 السيد ﺃحمد الهاشمى. القواعد اﻷساسية للغة العربية. دار الكتب العلمية. بيروت – لبنان. 1993
 الشيخ مصطفى الغلايينى. جامع الدروس العربية. دار الفكر. بيروت – لبنان. 2007
 محمد عبد الرحيم عدس. الواضح فى قواعد النحو والصرف. دار هدلاوى. عمان – الاردن. 1991
 فؤاد نعمة. ملخص قواعد اللغة العربية. دار الحكمة. دمشق. 1993
 لابن هشام. قطر الندى وبلٌ الصدى. دار الفكر. بيروت – لبنان. ١۹۹٣
» تابع القراءة

| 0 التعليقات ]

أسباب الإرث :
يتوقف استحقاق الميراث شرعا على وجود أسباب تقتضي الإرث، وانتفاء موانع تمنع منه.
وأسباب الإرث محل خلاف بين الفقهاء من حيث العدد، ولكن المتفق عليه منها ثلاثة، جمعها البرهاني بقوله :
وهي ثلاثة نكاح ونسب            ثم ولاء ليس دونها سبب
ومجموعة في كلمة نون  ن : نكاح  ــــ  و : ولاء  ــــ  ن : نسب
وهذا بيانها على النحو التالي :
* تعريف السبب :
·     السبب في اللغة : هو ما يتوصل به إلى غيره، حسيا كان أو معنويا ؛ فالحسي كالحبل الذي يتوصل به إلى الماء من البئر، والمعنوي كالعلم الذي يتوصل به إلى الخير والفقه في الدين.
·     واصطلاحا : هو ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته. أي : أن السبب هو ما جعل الشارع الحكيم وجوده علامة على وجود حكم شرعي، وعدمه علامة على عدم الحكم الشرعي.
·     ومثاله : دخول شهر رمضان المبارك، فإن الله تعالى قد جعله سببا لوجوب الصوم على من كان من أهله ؛ وهو المسلم البالغ العاقل المقيم القادر على الصوم  .
فأسباب الميراث هي ما جعل الشرع وجودها سببا للحصول على الإرث، وعدمها سببا للحرمان منه. وإليك تفضيل وبيان الأحكام المتعلقة بهذه الأسباب المتفق عليها :
أولا : النكاح
ويقصد به عقد الزوجية الصحيح الخالي من الموانع، ولو لم يحصل دخول ولا خلوة. فخرج بالصحيح النكاح الفاسد ؛ وهو ما اختل شرطه، كمن عقد على امرأة بدون ولي. وخرج به النكاح الباطل ؛ وهو ما اختل ركنه، كمن عقد على ذات محرم عليه،    أو على خامسة، فهذان العقدان لا توارث بهما.
فالنكاح سبب من أسباب الإرث بين الزوجين من الجانبين، فمتى عقد رجل على امرأة عقدا صحيحا خاليا من الموانع الشرعية مستوفيا لشروطه كان ذلك سببا للتوارث بينهما. فإذا مات أحد الزوجين ولو قبل الدخول ورثه الآخر ؛ لعموم قول الحق سبحانه وتعالى : ﴿ ولكم نصف ماترك أزواجكم ﴾(النساء : 12).
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق – رضي الله عنها – أن لها الميراث من تركة زوجها، وكان زوجها قد مات عنها قبل الدخول بها، ولم يكن فرض لها صداقا. (رواه الخمسة، وصححه الترمذي)
* مسألة :
يقطع التوارث بين الزوجين الطلاق؛ وهو حل قيد النكاح أو بعضه. وهو نوعان :
·     الأول : الطلاق الرجعي ؛ وهو الطلقة والطلقتان ؛ فهذه يحق للزوج مراجعتها ما دامت في العدة، والمطلقة الرجعية ترث من زوجها بالإجماع إذا مات وهي في العدة ؛ لأنها زوجة، لها حكم الزوجات ما دامت في العدة، وسواء طلقها في حال صحته أم في حال مرضه.
·     الثاني : الطلاق البائن بينونة كبرى([4])، فهذا على ثلاثة أنواع :
-    الأول : أن يكون الطلاق وقع في حال صحة المطلق، أو في حال مرضه غير المخوف كالزكام ونحوه، فهنا لا ترث المطلقة منه بإجماع أهل العلم ؛ لأن صلة الزوجية انقطعت بالطلاق فصارت الزوجة أجنبية عنه، وهو غير متهم بحرمانها من الميراث.
-    والثاني : أن يكون الطلاق وقع في حال مرض الزوج المخوف، وهو غير متهم بحرمانها من الإرث، كمن نشزت عليه زوجته أثناء إصابته بمرض السرطان – أجارنا الله تعالى منه – وتبرمت من خدمته ومرضه فطلقها، فهذه لا ترث منه إجماعا.
-    والثالث : أن يقع الطلاق في مرض الزوج المخوف بقصد حرمانها من الميراث ؛ كمن أصابه الطاعون فطلق زوجته حتى لا ينالها شيء من تركته،   ترثه مطلقا ؛ خرجت من العدة أو لا، ما لم تتزوج بغيره، أو ترتد عن دينها، معاملة له بنقيض قصده ؛ إذ قصد الفرار من توريثها، وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة  
* ثانيا : النسب
·     النسب في اللغة : هو القرابة
·     واصطلاحا : هو علاقة بين شخصين بالاشتراك في ولادة قريبة كانت أو بعيدة وهو ثلاثة أنواع : أصول، فروع، وحواشي
·     فالأصول : هم الآباء والأمهات، وإن علوا.
    . وضابط من يرث من الأصول هو :
1-     الذكور : كل ذكر ليس بينه وبين الميت أنثى فإنه يرث وإن علا بمحض الذكور ؛ كالأب، وأبيه، وأبيه.
2-    الإناث : كل أنثى ليس بينها وبين الميت ذكر مسبوق بأنثى فإنها ترث وإن علت ؛ كالأم، وأم الأم، وأم الأب، وأم أم الأب. أما : أم أب الأم فلا ترث لأنها بينها وبين الميت ذكر مسبوق بأنثى، فهي من ذوي الأرحام
-         والفروع : هم الأبناء والبنات، ومن تفرعوا منهم، وإن نزلوا بمحض الذكورية ؛ ليخرج من ذلك أولاد البنات
·          وضابط من يرث من الفروع هو : كل من ليس بينه وبين الميت أنثى فإنه يرث، وما عدا ذلك فمن ذوي الأرحام ؛ فمثال من يرث منهم : الإبن، والبنت، وابن الإبن، وبنته، وإن نزلوا. ومثال من لا يرث منهم : ابن البنت، وبنت البنت، وإن نزلوا.
-         والحواشي : ضابطهم ؛ من لآبائك عليهم ولادة، أو من تفرعوا من أصولك، أو هم فروع الأصول؛ وهذا يشمل الإخوة، والأخوات، وأبنائهم، والأعمام، والعمات، وأبنائهم، وإن نزلوا.
  وضابط من يرث من الحواشي :
1-    الذكور : كل من أدلى للميت بذكر فإنه يرث كالإخوة وأبنائهم، والأعمام وأبنائهم، وأما من يدلي بأنثى فلا يرث، كأبناء الأخوات، والأخوال، ما عدا الإخوة لأم فإنهم يدلون للميت بالأنثى (الأم) ويرثون معها بنص القرآن.
2-     الإناث : لا يرث من إناث الحواشي مطلقا إلا الأخوات ؛ سواء كن شقيقات، أم لأب، أم لأم، وما عداهن فمن ذوي الأرحام.
       * مسألة :
       الأخ من الرضاعة هل يعتبر وارثا أم لا ؟
·     الرضاع في اللغة : هو مص اللبن من الثدي، أو شربه
·     واصطلاحا : هو مص من دون الحولين لبنا ثاب من أنثى عن حمل أو شربه أو نحوه.
-    والرضاع حكمه حكم النسب في حكم النكاح، والخلوة، والمحرمية، وجواز النظر، إذا كان في الحولين، وبلغ خمس رضعات فأكثر ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة». (رواه الجماعة)
وأما التوارث بين الأخ وأخيه من الرضاع فغير معتبر ؛ بالإجماع، فليس الرضاع سببا من أسباب التوارث.
ثالثا : الولاء
·     وهو في اللغة : النصرة، والقرابة، والملك.
·     واصطلاحا : عصوبة سببها نعمة المعتق على عتيقه بالعتق.
والإرث بالولاء مقدم على الرد، ومقدم كذلك على توريث ذوي الأرحام ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «الميراث للعصبة، فإن لم يكن عصبة فللمولى». (رواه أحمد، والدارمي، وسعيد بن منصور)
* من الذي يرث بالولاء ؟
* جمهور أهل العلم على أن الذي يرث بالولاء هو السيد (المعتق) ؛ فيرث عتيقه الذي أنعم عليه بالعتق إذالم يكن له وارث شرعي، فإن لم يوجد السيد المعتق فيرث المعتق عصبته المتعصبون بأنفسهم، وهم الذكور ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «الولاء لحمة كلحمة النسب». (رواه ابن حبان، والحاكم، وصححه)، وفي الصحيحين : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إنما الولاء لمن أعتق».
       فمثلا : لو أعتق خالد رقيقه عبد الله، فمات عبد الله، وليس له وارث، فإن خالدا يرثه. ولو مات عبد الله وخالد معا ولخالد ولد فإنه يرث عبد الله، ولو كان له ولد وبنت فإن الولد يرث دون البنت ؛ لأن الولد عاصب بالنفس، والبنت عاصبة بالغير، ولو كان لخالد بنت وأخت شقيقة وعم، فإن الذي يرث عبد الله هو العم فقط ؛ لأنه عاصب بالنفس، وما عداه عاصب بغيره.
  * فائدة :
       قد تشترك الأسباب الثلاثة للميراث في شخص واحد؛ فيرث بثلاث جهات : كما لو اشترى الرجل ابنة عمه المملوكة، فأعتقها، وتزوجها، ثم ماتت عنه؛ فهو زوجها، وابن عمها، ومعتقها؛ فيرث جميع المال؛ نصفه بالزوجية، ونصفه بالنسب.

المصدر : الدكتور حسين مختاري
» تابع القراءة

| 0 التعليقات ]

مـــــوانـــــع الإرث
       لابد لاستحقاق الميراث أن تنتفي الموانع من الإرث التي نص الشرع على أنها تمنع من التوارث بين الميت وقريبه الحي.
·     والمانع في اللغة : هو الحائل، والحاجز بين الشيئين، كالحيض بالنسبة للمرأة ؛ فإنه يمنعها من الصوم والصلاة والعبادة.
·     واصطلاحا : هو ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته ؛ بمعنى : أن الله تعالى رتب على وجود هذا الشيء العدم.
·     والمانع عند الفرائضيين([1]) : ما تفوت به أهلية الإرث مع قيام سببه من قرابة، أو نكاح، أو ولاء.
·     وموانع الإرث سبعة مجموعة في عبارة " عـــــــش لـــــــك رزق "  ؛ هي المقصودة بقول العلامة الرسموكي  – رحمه الله – في منظومته :
يمنع الإرث عدم استهلال       شك لعان كفر ذي اعتزال
رق زنى وقتل ظلم مسجلا      إلا الولاء عن معتق قد قتلا
المانع الأول :عــدم الاستهلال :
إذا مات زوج وترك زوجته حاملا فإن الجنين الذي يوجد في بطنها يرث من تركة الميت ، ولكن شريطة أن يخرج من بطن أمه حيا .
وعلامة الحياة لدى الجنين هي : التنفس أو الصراخ أو الحركة ....
وإذا خرج الجنين من بطن أمه ميتا فإنه لا يرث لأنه لم يستهل .
ومن ثم يعتبر عدم الإستهلال مانعا من موانع الإرث ، لأن الوارث اختل فيه شرط من شروط الوارث وهو أن يكون حيا بعد وفاة الميت . والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا استهل المولود ورث " .
ثانيا : الـــشــك  : الشك له ثلاث صور :
   أ ــ الشك في أسباب الإرث :
مثاله : أن يدعي الوارث أنه زوج للهالكة ونشك في كونه زوجا لها ، ولا يتوفر الوارث على أدلة صحيحة يؤكد بها ما ادعاه .
 ب ـ الشك في شروط الإرث :
مثاله : أن يموت الميت والوارث معا في حادثة سير ونشك في أيهما تقدمت وفاته ونحن نعلم أن الوارث يجب أن تتأخر وفاته عن الميت .
ج ــ الشك في موانع الإرث :
مثاله أن يقتل الوارث الموروث ونشك في كون الوارث قتل الموروث عمدا أم قتله خطأ ، والقتل العمد مانع من موانع الإرث ،
ثالثا : اللعان : هذا المانع يكون بين الزوج وزوجته .
مثاله : أن يتهم الزوج زوجته بالزنا أو يقول الزوج بأن الجنين الذي في بطنها ليس ولدا له ولا يتوفر على أدلة صحيحة ,
والزوجة بدورها تنفي ما ادعاه زوجها
في هذه الحالة بين الله كيفية الحكم بين الزوجين ، وهو أن يحلف الزوج أمام القاضي الشرعي أربع شهادات بالله أنه صادق ويحلف في الخامسة بأن يلعنه الله إن كان كاذبا ,
وبهذا الحلف يدفع الزوج عن نفسه عقوبة القاذف وهي أن يجلد ثمانين جلدة.
ثم ينتقل القاضي الشرعي إلى الزوجة فتحلف بدورها أربع شهادات بالله أن زوجها كاذب وتحلف في الخامسة بأن يغضب الله عليها إن كان زوجها صادقا .
وبهذا الحلف تدفع الزوجة عن نفسها حد الزنا وهو أن ترجم لأنها محصنة .
وحينما يحلف كل منهما يقوم القاضي الشرعي بالتفريق بينهما ، والأمر الذي لاشك فيه أن أحدهما كاذب .
المانع الرابع: اختلاف الدين
·     يقصد باختلاف الدين هنا : أن يكون كل واحد من المورث والوارث على دين غير دين صاحبه؛ ككون الوارث مسلما، والمورث نصرانيا. فلا توارث من الجانبين مع اختلاف الدين.
-    والدليل على منع التوارث بين المسلم وقريبه الكافر ما يلي :
1-     مارواه أسامة بن زيد – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم». (رواه الجماعة إلا النسائي)
2-     ما رواه عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يتوارث أهل ملتين شتى». (رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي بنحوه، وإسناده حسن)
3-     أن الولاية منقطعة بين الكافر والمسلم.
* فائدة :
       استثنى الحنابلة من هذا الحكم – وهو عدم التوارث بين المسلم والكافر – صورتين:
·          الأولى : الإرث الولاء ؛ كأن يعتق المسلم عبده الكافر، فيموت، فإنه يرثه إن لم يكن له ورثة، أو زادت التركة بعدهم، ويعتبر المولى في هذه الحالة عاصبا ؛ واستدلوا على ذلك بدليلين :
1-    عموم حديث عائشة – رضي الله عنها – في الإرث بالولاء، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الولاء لمن أعتق». (رواه البخاري ومسلم)
2-    حديث جابر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يرث المسلم النصراني إلا أن يكون عبده أو أمته». (رواه أحمد، والترمذين والدارقطني، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي في التلخيص)
الثانية : إذا أسلم قريب المسلم الميت قبل قسمة التركة فإننا نورثه إذا كان له نصيب ؛ ترغيبا في الإسلام، وتأليفا لقلبه. ولقوله صلى الله عليه وسلم : «كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم، وكل قسم أدركه الإسلام فإنه على ما قسم الإسلام». (رواه أبو داود وابن ماجه)([2])

* تنبيه :
لا يرث من عتق بعد موت مورثه وقبل قسمة التركة، بخلاف من أسلم قبلها ؛ فإنه يرث.
والفرق بينهما : أن الإسلام أعظم الطاعات والقرب، ورد الشرع بالحث عليه، وتأليف القلوب عليه، فإذا أسلم ورثناه ترغيبا له في الإسلام، وورد فيه نصوص خاصة، بخلاف العتق، فلا يقاس عليه.
* مسألة :
هل يتوارث الكفار إذا اختلفت أديانهم من بعضهم البعض ؟
·     اتفق أهل العلم على أن الكفار إذا كانوا على دين واحد؛ كاليهودية، أو النصرانية فإنهم يتوارثون إذا وجد السبب المقتضي للإرث؛ ومن الأدلة على ذلك :
1-     قول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم». (رواه الجماعة إلا النسائي)
2-     وقوله صلى الله عليه وسلم : «لا يتوارث أهل ملتين شتى». (رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي بنحوه، وإسناده حسن) فهما دليلان بمفهوم المخالفة على أن الكفار إذا اتحدت مللهم وأديانهم يتوارثون.
3-     ولأن اليهودي مع اليهودي كالمسلم مع المسلم، فيرث منه، إن وجد سبب الإرث.
·     واختلف أهل العلم في الكفار إذا اختلفت ديانتهم، كيهودي، قريب لنصراني مات، وهذا الخلاف مبني على مسألة مختلف فيها، وهي : هل الكفر ملة واحدة ؟ أم هو ملل شتى، فمن قال : هو ملل شتى، قال : لا توارث بينهم، ومن قال : بل هو ملة واحدة، قال : يتوارثون.
·     والراجح في ذلك – والله أعلم - : أن الكفر ملل شتى، فاليهودية ملة، والنصرانية ملة، والمجوسية ملة ؛ لقوله تعالى : ﴿  إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (الحج : 17) ؛ فقد جعلهم الله تعالى مللا مختلفة.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : «لا يتوارث أهل ملتين شتى».
* مسألة :
هل يرث المرتد من قريبه المسلم إذا مات ؟
·     المرتد : هو من كفر بعد إسلامه بالإسلام، ورجع إلى الكفر ؛ بإرتكابه ما يوجب ردته.
·     وحكمه : يمهل المرتد ثلاثة أيام، فإن رجع إلى الإسلام وإلا قتل ؛ لما في الموطأ : «أن رجلا قدم على عمر بن الخطاب من قبل أبي موسى الأشعري – رضي الله عنهما – فسأله عمر عن الناس، فأخبره، ثم قال له عمر : هل كان فيكم من مغربة خبر ؟ فقال : نعم ! رجل كفر بعد إسلامه. قال : فما فعلتم به ؟ قال : قربناه، فضربنا عنقه. فقال عمر : أفلا حبستموه ثلاثا، أطعمتموه كل يوم رغيفا، واستتبتموه ؛ لعله يتوب، ويراجع أمر الله. ثم قال عمر : اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني».
فهذا المرتد ليس مسلما بل كافر بمنزلة الحربي يستتاب، فإن تاب ورجع لدينه وإلا قتل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «من بدل دينه فاقتلوه». (رواه البخاري)
       ولا توارث بين المرتد إذا هلك على ردته أو قتل وبين قريبه المسلم، وماله فيء لبيت مال المسلمين. فلا يرث، ولا يورث ؛ لأنه ليس بمسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم». (رواه الجماعة إلا النسائي)
المانع الخامس: الرق
·     الرق في اللغة : هو العبودية.
·     واصطلاحا : عجز حكمي يقوم بالشخص، سببه الكفر بالله تعالى ؛ بمعنى: أن الشارع حكم على هذا الشخص بعدم نفاذ تصرفاته، وجعله رقيقا لغيره؛ بسبب كفره بالله سبحانه.
·     والرق يمنع التوارث من الجانبين ؛ فلا يرث السيد عبده، ولا يرث العبد سيده. والسبب في ذلك : أن الله تعالى أضاف الميراث إلى مستحقيه باللام الدالة على التمليك في آيات المواريث قال الله تعالى : (ولكم نصف ما ترك أزواجكم ...)، مما يدل على أن المال الموروث يكون ملكا للوارث، والرقيق لا يملك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «من باع عبدا وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع». (رواه أبو داود عن جابر، وفي إسناده راو مجهول، وبقي رجاله ثقافت، وله شواهد أخرى يتقوى بها).
ولأن العبد لو ورث لصار المال لسيده، وهو أجنبي عن الميت، ولا سبب لتوريثه من أسباب الإرث، فيكون هذا الإرث باطلا.
·     والعبد مطلقا لا يرث ولا يورث؛ مكاتبا كان، أو مدبرا، أو أم ولد، أو من علق عتقه بصفة لم توجد قبل موت المورث؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم». (رواه أبو داود)
·     وأما العبد المبعض ؛ وهو الرقيق الذي بعضه حر، وبعضه مملوك. فهذا مختلف في إرثه من عدمه، على أربعة أقوال، أصحها : مذهب الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – أنه يرث ويورث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية ؛ لما روى ابن عباس – رضي الله تعالى عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العبد يعتق بعضه : «يرث ويورث على قدر ما عتق منه». (رواه أحمد)
ولما روى علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق منه». (رواه أحمد)
       ولما روى علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق منه». (رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي، وهو حديث حسن)

المانع السادس : الزنا
لا توارث بين الزاني وولد الزنى ، لأنه لا توجد علاقة شرعية بينهما ، وإنما يرث من أمه وترث هي منه قال النبي صلى الله عليه وسلم :﴿ الولد للفراش وللعاهر الحَجَر ﴾ أخرجه البخاري في صحيحه كتاب البيوع باب تفسير المشبهات
       المانع السابع : القتل
       وهو فعل ما يزهق روح آدمي معصومة.
والقتل على أنواع خمسة ؛ هي :
1-         القتل العمد : وهو أن يقصد الجاني إنسانا معصوم الدم، فيضربه بما يقتله غالبا. فهذا النوع مانع من الإرث عند جماهير العلماء([3])، والدليل على ذلك :
أ‌-            قوله صلى الله عليه وسلم : «لا يرث القاتل من المقتول شيئا». (رواه أبو داود، وقواه ابن عبد البر)
ب‌-      قوله صلى الله عليه وسلم : «ليس لقاتل ميراث». (رواه أحمد، ومالك، وابن ماجه، والبيهقي، وعبد الرزاق)
ج- وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «القاتل لا يرث». (رواه الترمذي، وابن ماجه، والبيهقي)
د- ما رواه سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا يرث قاتل من دية من قتل». (رواه أبو داود في المراسيل، والبيهقي)
       وهذه الروايات يقوي بعضها بعضا في الدلالة على أن القاتل لا يرث ممن قتله شيئا.
ر- القاعدة الفقهية التي تنص على : أن من استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه. فالقاتل استعجل ميراث مورثه فقتله، فناسب أن يعاقب على ذلك بحرمانه منه؛ لينجز الناس عن التحيل والفساد في الأرض بغير الحق.
·     والقتل هنا يمنع التوارث من جانب واحد فقط ؛ فيمنع القاتل من أن يرث المقتول، وأما المقتول فإنه يرث من قاتله. مثال ذلك : لو أن محمدا قتل أخاه زيدا، فلم تخرج نفس زيد حتى قتل محمد بحدث ونحوه، فإن زيدا يرث من محمد.
2-   القتل الخطأ : هو أن يفعل إنسان ماله فعله، فيقتل آدميا معصوم الدم، مثل أن يرمي غرضا بعيدا يظنه صيدا فيتبين أنه آدمي معصوم الدم، وكحوادث الدهس بالسيارات.
·     فجمهور أهل العلم : على أن هذا القتل مانع من الإرث، فلا يرث القاتل من المتقول شيئا؛ لعموم الأدلة السابقة بدون مخصص، وسدا للذريعة، حتى لا يقتل الوارث مورثه ويزعم أنه قتله خطأ.
·     أما المالكية : فإنهم يرون أنه يرث، ولا يمنع هذا النوع من القتل التوارث، بشرط أن يثبت أنه قتله خطأ؛ لكنهم لا يورثونه من الدية ؛ لأنها تجب عليه، ولا وجه لتوريثه من مال يجب عليه، بل يرث من المال القديم، ولهذا يقولون : إنه يرث من تلاد المال دون طريفه.
       * ولعل الراجح هو قول المالكية ؛ لأن الله تعالى قد تجاوز لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، وقتل الخطأ قد يحدث كثيرا بدون قصد، حتى إن الوالد قد يقتل ولده وفلذة كبده بدون أن يشعر، كأن يرجع عليه بالسيارة أو نحوها فيقتله، فلو منعنا التوارث بينهما بهذا لكان فيه ظلم وإجحاف. على أن يحتاط القاضي في مثل هذه الحالة، ويتأكد أن القتل وقع خطأ.
       3- القتل شبه العمد : وهو أن يتعمد الجاني ضرب إنسان معصوم الدم بما لا يقتل غالبا فيموت به، أو يضربه بما لا يقتل غالبا في مقتل، كما لو ضربه بعصى على مؤخرة رأسه فمات.
       فهذا النوع مانع عند جميع العلماء. لعموم الأدلة، ولوجود القصد من الجاني، فألحق بالقتل العمد.
4       ـــ القتل بالتسبب : وهو ما جرى مجرى الخطأ ؛ كأن يفعل الإنسان فعلا، فيموت بسببه إنسان معصوم الدم، كمن حفر بئرا فمات بها قريب له، أو وضع حجرا في الطريق فسقط عليه شخص فمات. ومثله في الحاكم : القتل من الصبي والمجنون والنائم لو انقلب على مورثه وهو نائم فقتله.
فهذا النوع يمنع من الإرث عند الشافعية والحنابلة ؛ لعموم الأدلة ؛ ولأن هذه الأنواع من القتل مضمونة بدية وكفارة.
وأما عند الحنفية والمالكية : فلا تمنع من الإرث ؛ لأنها لا توجب قصاصا ولا كفارة.
5- القتل بحق ؛ كقتل الصائل الذي يصول على الإنسان دفاعا عن نفسه، وكقتل الجاني قصاصا.
وهذا النوع يمنع من الإرث عند الشافعية فقط ؛ لعموم الأدلة، وسدا للذريعة، حتى لا يجعل القتل ذريعة إلى استعجال الميراث، فوجب أن يحرم القاتل من الإرث بكل حال.
* والذي أراه – والله أعلم - : أن القتل الذي يمنع من الإرث هو : القتل العمد العدوان، وشبه العمد ؛ لأن القصد فيهما واضح، وكذا القتل بالتسبب إذا كان فيه عدوان، كمن حفر بئرا في طريق الناس ؛ لأنه قصد الضرر بالآخرين.
وأما القتل بحق ؛ كالقتل قصاصا، وقتل الصائل دفاعا عن النفس، فلا يمنعان من الإرث ؛ لأن القاتل معذور فيهما، وكذا القتل من الصبي والمجنون ؛ لأن التكليف مرفوع عنهما، ولا معنى لرفع التكليف والإثم عنهما إن قلنا إنهما يمنعان من الإرث، وكذا القتل خطأ؛ لأن هذا لا قصد فيه، وقد يقع جبرا عن الشخص وبدون قصد، فلا ذنب له حتى يحرم من الميراث.

المصدر : الدكتور حسين مختاري
» تابع القراءة

المشاركات الشائعة